06‏/03‏/2011

شهاب في أرض العذاب

شهاب شاب تقي ورع عاش وسط أسرة تخشى الله وتحفظ جميعها كتاب الله تكبره أخته أسماء بإثنى عشر عام وقد تزوجت بمعيد بأحد الجامعات يدعى يوسف وهى في التاسعة عشر من عمرها ووالده رجل يعمل في هيئة البريد ووالدته ربة منزل ، وتفرغ الوالدين لرعاية أبنهما شهاب وتحفيظه القرآن حتى تم لهما ما أرادا وهو أبن عشر سنوات ومنذ أن حفظ كتاب الله وهو يصلى بالناس في قريته إمام  
وظهر عليه النبوغ رغم صغر سنة وأصبح يلقى خطبة الجمعة في مسجد قريته وهو في الصف الثاني الاعدادى.
وكان شهاب يعكف في أوقات فراغه على تحصيل العلوم الدينية ويجد متعته الكاملة في ابتلاع العلم كأنه وجبة دسمة ما أن ينتهي منها حتى يتطلع إلى غيرها وكان متفوق في دراسته ومحبوب جدا من أصدقاءه وكانت له بينهم كلمة مسموعة حتى أنهى دراسته الثانوية وقدم أوراقه إلى جامعة بالعاصمة.
ومع ثاني عام له بالجامعة طلب منه أصدقاءه في الجامعة وزوج أخته أن يتقدم لانتخابات إتحاد الطلاب وبعد تفكير تقدم شهاب إلى انتخابات الجامعة ونجح وأصبح وكيل إتحاد طلاب جامعته.
ومن هنا تغيرت حياته فذات يوم تقدم منه ثلاث رجال في زىَ مدني وجذبه أحدهم من ذراعه وطالبه بمرافقتهم، فهم ضباط بأحد أجهزة الشرطة وعلى الفور طلب منهم شهاب منحه فرصة أن يخبر أهله بما حدث فرفض السادة الأشاوس وتم الدفع بشهاب في عربة رباعية الدفع ذات زجاج أسود وركب أحد الضباط عن يمينه والثاني عن يساره والثالث في الكرسي الامامى وانطلقت السيارة بشهاب حولي ساعتين وتوقفت السيارة ثم تم تعصيب عينه ومضت السيارة مرة أخرى إلى منتهاها ومع توقفها تم جذب شهاب من الحزام وقام أحد الضباط بدفعه في مؤخرته بقدمه حتى يسير وفق إرادتهم حتى أدخلاه إحدى الغرف وتم تقييده في كرسي وسط الغرفة وتم فك العصبة التي على عينيه وألبساه طاقية لا تظهر من وجهه إلا فمه وتركاه جالس على وضعه هذا لمدة ثماني ساعات ثم جاءه من بدء يسأله عن اسمه وعمره والجماعة التي ينتمي إليها وأعضاء هذه الجماعة وما هي الأهداف التي تصبوا إليها وعدد أعضاءها ومن وراء تمويلها والزعيم الروحي له وللجماعة ومع كل سؤال صفعة على وجهه أو على عنقه وتعالت صيحات شهاب إنه لم ينتمي قط  لجماعات إسلامية لا سلفية ولا أصولية ولا شرقية ولا غربية وكل علاقته بالإسلام هي الصلاة وبعض المعلومات الإسلامية المعلومة من الدين بالضرورة وأن زوج أخته هو من طلب منه الترشح لانتخابات الجامعة فتم وضعه في غرفة ضيقة وبها إضاءة قوية جدا تمنع الإنسان عن النوم مهما حاول لشدة الحرَ المنبعث منها ونورها الشديد وما هي إلا عدَة أيام ووجد زوج أخته معه في نفس الغرفة وناله من الضرب والركل الاهانات ما نال شهاب وأقسم الاثنين للزبانية أنهم لاعلاقة لهم بهذه الجماعات ولكن هيهات أسمعت إن ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادى ولم يدرك الزبانية أن شهاب وزوج أخته صادقين في قولهم فبدأت التهديدات بالقبض على أخته أسماء والاعتداء عليها أمامهم وبدأ وضع شهاب وزوج أخته في زنزانة ويتم تعذيب بعض الرجال بجوارهم طوال الليل والنهار حتى ينهار الاثنين ويعترفا بما لديهم من معلومات، فتارة بالعذاب النفسي تارة بالعذاب البدني وهم يقسمان أنهم لا يعلمون شئ وليست لهم علاقة ببعض عمليات التخريب هنا وهناك ولكن هيهات إنهم يتحدثون إلى صخور صماء ليست لها قلوب أو عقول فتم تصعيد التعذيب فقام بعض الزبانية بتجريد شهاب وزوج أخته من ملابسهم وقام أحدهم بربط كلا من شهاب وزوج أخته من قدميهما وأيديهما حول برميل صاج مدهون بالعسل الأسود ويعتليه كميات كبيرة من الصدأ وبعض الآثار لجلود بشرية ورائحته قمة النتانة والعفن وفى عز الحر حتى شعر كلا منهم أنه يريد تقطيع صدره وجسمه من شدة الإحساس بالتصاق جسديهما بالنتن الذي يعتلى البرميل وظلا على هذه الحالة لمدة سبع ساعات حتى تورم جسديهما من لدغات الحشرات ثم تم إطلاق سراحهم ووضعهم في زنزانة مع بعض المجرمين الجنائيين وتعالت أصواتهم بطلب من يخفف عنهم ألامهم وهم يقطعون جلودهم بأيديهم من الحساسية التي أصابتهم ثم أشفق عليهم رجل من الزبانية وقذفهم ببعض المياه من الدلو الذي يبول فيه المساجين فزاد من ألامهم فانهار زوج أخته ووقع على ورقة دون أن يسمحوا له أن يقرأها ومع قدوم الليل تم الإفراج عنه.
أمضى شهاب إثنى عشر عام وهو يعانى ظلم هؤلاء الزبانية ووالديه يبكيان ليلا ونهارا وهم سجود يدعوان الله عز وجل أن يعفوا عنهم وعن أبنهم ويعيده إليهم وذات يوم سمع شهاب من يبشرهم بأن هناك عفوا عن بعض الشباب الذين يتعهدون بعدم اللجوء إلى العنف كمنهج لتصويب فساد المجتمع وعلى الفور سارع شهاب إلى إدارة السجن يسجل اسمه ، وقامت إدارة السجن بعد ذلك بالإعداد لدروس مكثفة لهؤلاء الراغبين في التوبة والانخراط في المجتمع مرة ثانية بعد تصويب أفكارهم وقام بعض علماء الشئون المعنوية بالجهاز بإقامة عدَة دورات لتصويب أفكارهم ومناقشتهم في هذه الأفكار الجديدة حتى تبين لإدارة السجن اعتناقهم الفكر التنويري الجديد فقامت الإدارة بالإفراج عنهم بعد الكثير من التهديد والوعيد إذا عاد أحدا منهم إلى السجن مرة ثانية وأنهم سوف يكونون تحت المراقبة لمدة ثلاث سنوات.
وانبلج فجر يوم جديد وشهاب يبصر الشمس دون أن يحجبها عنه قضبان ،فسجد لله شاكرا على أن ألهمه الصبر على هذه المحنة وتذكر نبي الله عز وجل يوسف عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام عندما سجن ظلما فصبر على الابتلاء ،ومضى شهاب إلى قريته وهو عازم على أن لا يفارقها إلا إلى بيت الله الحرام للحج ، وعمت الفرحة القرية وعادت البسمة إلى الأسرة وفوضت الأسرة أمرها إلى الله عز وجل وعمل شهاب مقيم شعائر بالقرية وسافر زوج أخته للعمل في أحد الدول الخليجية وتعهد بعدم العودة إلى بلده إلا وهو جثة هامدة ليدفن فقط.

وهذه قصة من ألاف القصص التي تدمى القلوب قبل العيون.
((قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا )) صدق الله

0 أضف تعليق :

إرسال تعليق

نرحب بآرائكم وتعليقاتكم

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...
Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Best WordPress Themes