03‏/03‏/2011

الانتفاضة بين الحكمة والفوضى

يبدو أن الثوار الذين طالبوا برحيل الرئيس السابق مبارك وتم لهم ما أرادوا لم يتفقوا بعد على مطالب موحدة تصبَ في صالح الشعب، بل تفرقوا إلى مائة قطيع يحاول كل قطيع أن يتصدر المشهد ويطبق الأجندة الخاصة به، فتبصر غالبية الشباب يتسابقون للظهور أمام كاميرات البرامج والفضائيات وكلا يدَعى أنه صاحب الفضل في تحريك جموع الشعب الصامت ليقوم من غفوته ويطالب بحقوقه.
الكل له مطالب تختلف بتغيَر الظروف ولا تتفق ورفاقه ممن كانت تجمعهم مطالب واحدة في أول الانتفاضة. والغريب أن مطالب كل قطيع منهم تتصاعد كلما حاول المجلس العسكري تلبية هذه المطالب بل تطرف بعض الشباب وظن أنه محرر العبيد وطالب بأن يشارك بعض الصبية المشاركين معه في الترشيح للمناصب القيادية بصفتهم أصحاب الانتفاضة ،بل وطالب البعض بإقالة حكومة الفريق أحمد شفيق التي تسمى حكومة تسيير أعمال، وتفكيك مباحث أمن الدولة في الوقت الذي لم يستتب الوضع بالنسبة للأجهزة الأمنية وهناك تسيب أمنى يسود الكثير من ربوع مصر.
ويطالب البعض بإقالة محافظي الأقاليم المصرية، ويحاول البعض الاحتكاك بالجيش فهل هذا من العقل في شيء؟!
دولة بلا مجالس تشريعية ورقابية وبلا جهاز أمنى قادر على القيام بمهامه المتعددة والثقيلة ومحافظات بلا محافظين ودولة بلا جهاز أمنى بقوة مباحث أمن الدولة وتظاهرات نقابية في كل ربوع الوطن وإضرابات عمالية وفئوية للمطالبة برفع الأجور، و اعتصامات للمطالبة بمساكن مجانية أو شبة مجانية والغريب أن الكثير من أهالي المجرمين الجنائيين يتظاهرون مطالبين بالإفراج عن ذويهم أسوة بالمعتقلين السياسيين.
أشياء تحدث باسم الانتفاضة يشيب لها الولدان ويفقد على إثرها كل لبيب عقله.
ويتساءل كل صاحب عقل حكيم وفطن ماذا يريد هؤلاء الطيبين؟
هل يريدونها فوضى كما تدعوا أمريكا وأعوانها لكي تضع لها قدم وسط الأمة العربية وتسيطر على منابع البترول أم يريدون أن تتفكك أكبر دولة عربية إلى دويلات فيحكم كل مجموعة شباب إمارة فتجد هذه إمارة شباب 6 أبريل وهذه إمارة حركة كفاية وهذه إمارة ساويرس وهذه إمارة الجماعات الإسلامية وهذه إمارة النوبيين وهذه إمارة الأقباط وهذه إمارة البهائيين وهذه للناصريين وهذه للبرادعيين وهذه للزويليين وهذه للموسويين وهذه للماركسيين وهذه للوفديين وهلمَ جرا.
أستحلفكم بالله هل هذا وقت التهريج والعبث بدولة بحجم مصر؟!أليس من الحكمة الآن أن يتصدر الحكماء والخبراء والمتخصصين المسرح السياسي وأن ينزل أنصاف المتعلمين وبعض المأجورين وبعض الشباب الطيب الصغير عديم الخبرة عن صدارة المشهد ؟
وهنا نجد سؤال يطرح نفسه، هل التغيير يعنى أن يتعلم هؤلاء الفتية عديمي الخبرة في مقدَرات شعب تعداده 84 مليون وعلى الشعب الصبر عليهم حتى يبلغوا رشدهم؟!!!
نقترح أن يسارع المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتكريم جموع الشباب الذي شارك في الانتفاضة وتعريف كل فرد على حدا لنفسه وعائلته وأن يسرد للعالم أمام شاشات الفضائيات بعض السيرة الذاتية له ولعائلته حتى يشعر الجميع بأنهم من كبار المشاهير ويغادروا الشارع والفضائيات ويتفرغ المجلس الأعلى للقوات المسلحة للمهام الثقيلة الملقاة على عاتقه.

0 أضف تعليق :

إرسال تعليق

نرحب بآرائكم وتعليقاتكم

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...
Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Best WordPress Themes