يتسابق الكثير من البشر إلى ردهات السلاطين والأمراء لاغتنام بعض المنافع
الدنيوية وإن كانت هذه المنافع على حساب الآخرة بل ربما يقع المنافق في سبيل القرب
من أصحاب السلطة في القتل أو ظلم المؤتمن عليهم أو الجور، وكل ذلك في سبيل أن يرضى
عنه الحاكم أو رئيسه في العمل ولا يشعر بعظم جرائمه إلا عندما يسجى في قبره فحين
ذلك يندم حيث لا ينفع الندم ويقول يا ليتنى اتخذت مع الرسول سبيلا.
أخي المسلم :
صلاح الأجداد والآباء يعود نفعه على الأبناء والأحفاد، والمتبصر لقول الله
عز وجل في سورة الكهف (وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ
فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا
فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا
رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ) صدق الله
يتبين أن القرآن الكريم أوضح بجلاء في هذه الآية الكريمة أن صلاح الوالدين
وتقواهم عاد نفعه على أبنائهم وأحفادهم فسخر الله للأبناء من يحافظ لهم على مالهم
المدفون تحت الجدار.
وهكذا لطالما تحدث الله عز وجل في كتابه العزيز عن تأثير الصدق على
الصادقين والبيئة التي يعيشون فيها، وتأثير الكذب والكاذبين على أنفسهم وعلى
البيئة التي يحيون فيها ،وتأثير أصدقاء السوء على بعضهم البعض وعلى مجتمعاتهم ،وتأثير
الأحباء في الله على بعضهم البعض ونتاج صلاحهم وتقواهم على مجتمعاتهم.
إن القرآن الكريم يوضح لنا صورة من مشاهد الخلاف والعداء بين الظالمين
بعضهم مع بعض حيث يطالب أذناب الظالمين أسيادهم بأن يخففوا عنهم يوما من العذاب
فهم فعلوا ما فعلوا من أجل هؤلاء الملوك والسلاطين والأمراء والرؤساء فيقول لهم أسيادهم
وهم يتخاصمون في النار لو هدنا الله لهديناكم.
" وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ
اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا
مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ۚ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ
لَهَدَيْنَاكُمْ ۖ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ
مَحِيصٍ " صدق الله
هكذا يستبين لهم بعد فوات الأوان أن هؤلاء الفاسدين يتبرؤون من بعضهم البعض
ويقول كل واحد منهم نفسي نفسى .
وهكذا يثبت الكتاب الحكيم أن الانصياع لقانون القوة وسلطة الحاكم لقتل
الضعفاء والإفساد في الأرض لن يغنى عن الظالم وزبانيته ما في الأرض من كنوز وثروات
من عذاب الله من شئ ،فقد قال الله عز وجل (وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا
مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ
الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) صدق الله
وقد أخبرنا رسول الله (ص) أن الله يُشفع الأنبياء والأولياء والشهداء
والصالحين في المؤمنين اللذين نالوا قسطا من الذنوب وماتوا غير مصرَون على
المعصية، وذلك يؤكد لنا أن المؤمنين ينتفعون بصلاح أبائهم وأجدادهم وأحفادهم ،
وعلى العكس من ذلك نجد الوباء وعاقبة السوء والويل والثبور تعمَ الفاسدون
وتعمَ أبائهم وأبنائهم وأحفادهم إذا لم يعودوا إلى بارئهم ويتوبوا إلى الله عز
وجل.
ويقص علينا القرآن الكريم قول الشيطان يوم القيامة لأتباعه (وَقَالَ
الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ
وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ
إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا
أَنْفُسَكُمْ ۖ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي
كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ
أَلِيمٌ ))صدق الله هكذا يبين لنا القرآن الحكيم أن أصدقاء السوء يتبرأ بعضهم
من بعض يوم القيامة ويتبرأ منهم الشيطان بل ويطالب كلا منهم للأخر من الله عز وجل
أن يضاعف لهم العذاب بل ويطالبون الله عز وجل أن يجعلهم تحت أقدامهم!!
" وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا
فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ
وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا " صدق الله
فهل تستفيد عزيزي القارئ من وجودك على ظهر الأرض إلى الآن وتسارع بالتوبة
والعودة إلى الله واختيار رفقة الخير والصلاح وتبتعد عن رفقة السوء ولا تتبع خطوات
الشيطان فإن الموت يأتي بغتة .
(وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا
مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ
الْأَسْفَلِينَ ) " صدق الله
مقتبسة من خطبة للشيخ خالد
فاروق من علماء الجمعية الشرعية .
0 أضف تعليق :
إرسال تعليق
نرحب بآرائكم وتعليقاتكم