يتعذر على الإنسان أن يحكم على عظم جرم من يفخخوا السيارات إلا إذا قدَر له أن يبصر بنفسه موقع حدث فيه عملية انتحارية بسيارة ملغمة حين ذلك سوف يدرك حجم المخاطر التي تنتج عن هذه الفعلة
وأنا هنا لا أقصد الشهداء والجرحى والمنازل المهدمة والمحال المدمَرة ، بل أقصد الفزع والرعب والخوف والوجل والأمراض النفسية والجسدية وربما العقلية التي تشيع في المدينة التي حدثت بها هذه العملية ، فسوف تجد من يصاحبه الغثيان والقيء على مدار حياته كلها ، ومن يرتجف وترتعش يداه طوال حياته ومن يصاب بأمراض معوية طوال حياته ومن يفقد القدرة على النوم لعلمه أنه إذا أغمض عينية سوف يعود مشهد الانفجار وما أعقبه من جثث تتطاير وضجيج وصراخ رجال وأطفال فقد كلا منهم عضوا من أعضاء جسده؛
وهنا يتساءل المرء هل من يفعل هذه الفعلة الخسيسة والدنيئة عنده أسباب تجعله يقتنع بالقيام بمثل هذه العمليات وهل يوجد على سطح الأرض دين يبيح هذه الجريمة الوقحة، وهل من يفعل هذه العمليات يكون شهيد أم قتيل وآثم؟ وإذا أجزنا للمستضعفين في الأرض أن يدافعوا عن وجودهم ضدَ الطغاة بكل ما تصل إليه أيديهم فهل نجيز ذلك لغيرهم، وليس أعز عليهم من أرواحهم وأنفسهم يقدمونها فداء لدينهم وبلدهم؛
وهنا يفرض نفسه سؤال لماذا يقوم بعض من لا ناقة لهم ولا جمل بمثل هذه العمليات القذرة مقابل حفنة من الدولارات وهل لهؤلاء السفهاء عقول يفقهون بها أو قلوب يبصرون بها إنهم كالأنعام بل هم أضل؛
لقد سردت ما سلف لأذكر القارئ بما يحدث في العراق من تفجيرات بالسيارات المفخخة ليل نهار حتى أصبحت هذه العمليات من مقومات الحياة والغريب والعجيب أن العراقيين تعايشوا مع هذه الجريمة لدرجة أنهم إذا حدثت عملية تفجير سيارة مفخخة في سوق وأستشهد من أستشهد وجرح من جرح وتهشم ودمر ما تهشم ودمر وجدت البشر المتواجدين في السوق سارعوا بجمع الشهداء في سيارة وذهبوا بهم إلى المستشفى ثم جمعوا الجرحى وذهبوا بهم إلى المستشفى ثم يسارعوا إلى السوق ويقوم الناس بتنظيف وبناء ما تحطم والمضي إلى أعمالهم دون الحديث عن من وراء هذه العمليات ومن ينفذ هذه العمليات وإذا سألت أحدهم عن تفسيره لهذه السلبية في التعامل مع هذه الأحداث قال لك لقد ملَ الناس من الحديث ففي النهاية سوف يقتص الشيعي من السنى ويقتص الكردي من الأشوري ولا يعرف أحد في هذه البلد لماذا أصيب وبترت ساقه أو لماذا أصيب بحروق شديدة وفقد بصره بل لا يعرف أحد لماذا استشهد ابنه أو زوجته أو والده أو عمه أو خاله وإذا سألت صحفي يقول لك هناك أيادي خفية صهيونية ومرتزقة وراء هذه العمليات وسوف تنتهى هذه الظاهرة إذا خرج العراقيون من العراق؟!! وإذا خرج الأفغان من أفغانستان !! وإذا خرج المسلمون من لبنان !! وإذا خرج الصوماليين من الصومال !! وإذا خرج المسلمون من أقطار السماوات والأرض؟ فحين ذلك سوف يسود الوداد بين المسلمين والعالم ! ويتم إيقاف إنتاج السيارات الملغمة!!
0 أضف تعليق :
إرسال تعليق
نرحب بآرائكم وتعليقاتكم