كان كمال شاب وسيم من ريف مصر عاش حياة صعبة وكم عانى من أجل لقمة العيش فكان يدرس بالنهار ويعمل في مطعم بالليل وكانت حياته هكذا لا جديد فيها حتى تعرف ذات يوم على فتاة تسمى وفاء كانت تعمل بجواره في فندق وكانت على خلق وذات يوم خاطبها كمال وأخبرها بأنه معجب بها وقد سأل عنها بعض زميلاتها وعلم منهم أنها من الشرقية وتعيش في بيت المغتربات وتدرس في معهد عالي للخدمة الاجتماعية فقالت له وفاء أنا يتيمة الوالدين وأعيش مع خالتي وزوج خالتي وأبنتهما وكل أمنيتي أن أحصل على الشهادة لكى أبحث عن عمل يصلح لي وليس فيه إهانة لكرامتي ، أو يكرمني الله عز وجل بزوج طائع لله يحميني من ذئاب الشوارع، وهنا أخبرها كمال بأنه يعمل ثمانية عشر ساعة في اليوم لكى يصرف على نفسه ويساعد في تربية أخواته السبعة ومن أجل ذلك ينجح عامين ويرسب عام في كلية التجارة وأخبرها أنه يعاهدها أن ينجح هذا العام ويتقدم لخطبتها ،فأخبرته أن أسرتها لا تعترف بالخطوبة بل من يرغب فيها فعليه أن يكتب عليها ثم يبنى بها في ظرف عام فطمأنها وقال لها إنه قادر على توفير مسكن في قريته وإعداده للزواج في أقل من عام.
ولم يخلف كمال ظن وفاء فمع نهاية العام كان تخرج من كلية التجارة وعمل بوزارة الاقتصاد وفور تسلمه العمل تقدم لخالها وطلب الزواج بها وتم له ما أراد وسعى كمال أثناء فترة عملة في إظهار جديته في العمل ونبوغه حتى نال ثقة رؤسائه فأخبر أحد هؤلاء الرؤساء بأنه يريد أن يعين زوجته معه في العمل وكان له ما أراد، وأمضى كمال عامين مع وفاء من أجمل سنين حياته وكان يساعد أسرته ببعض المال من العمل الذى يعمل فيه بالليل.
حتى جاء صباح يوم وكان عطلة عيد الأضحى حيث لم ينم كمال منذ صلاة العشاء فنصحته وفاء بالنوم لتجديد نشاطه حتى يقوم لصلاة الفجر والعيد ولكن كمال أخبرها أنه سوف يقوم بالذبح للناس مقابل بعض المال كما كان يفعل كل عام ، وهنا احتجت وفاء وقالت له إنه لا يكاد يجلس في بيته ولا تستطيع أن تجرى حديث معه منذ عام و اخبرته "أنت تأتى للبيت وأنا نائمة وتخرج للعمل وأنا في العمل ولا أراك تهتم ببيتك أو تهتم بصلاتك وأنا لم أبصرك تصلَى سنن أبدا ولم تصلى صلاة التراويح طوال شهر رمضان وكلما أخبرتك تنهرنى وتقول أنت أفضل من غيرك وتسترسل إن هناك الكثير من الناس والأصحاب والرفاق لا يصلون سوى صلاة الجمعة ، أنت تزوجتني وعاهدت خالي على أن تعاملني بما يرضى الله عز وجل ورسوله وأن تكون طائع لله كما كنت تفعل قبل الزواج فكنت لا تترك الصلاة والسنن وصلاة الليل وكنت تبكى وأنت تصلى فماذا حدث؟! هل كان كل ذلك رياء لكى تتزوجني، وهنا تحدث كمال بهدوء وقال لها ظروف الحياة لا تترك لي وقت للحديث معك أو لسنن الصلاة أو نوافل فأنا بالكاد أصلىَ الفروض، وتابع كلامه أنا أفضل من غيرى فهناك من لا يدخل المسجد سوى للصلاة عليه فلتحمدي الله عز وجل، وهنا قالت له وفاء وهى غاضبة لن يجمع البيت بيني وبينك منذ الأن حتى تعمل بقول الله عز وجل (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )صدق الله، وقوله تعالى (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حتى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )صدق الله وتركت وفاء له المنزل وعبثا حاول كمال إقناعها بأنه سوف يفعل ما تريد ولكن هيهات، انطلقت وفاء إلى بيت خالتها وأخبرت خالها بما حدث بينهم فأخبرها أن من ترك سنن الصلاة يكون على خطر عظيم ويكفى أنه تارك لسنة الرسول (ص) وقال لها كيف يقبل أن يصلى السنن من أجلك ويرفض أن يصلى طاعة لله ولرسوله، وانطلق خال وفاء إلى بيت كمال وناقشه فيما يقول قائلا قول رسول الله " أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته فإن أكملها كتبت له نافلة فإن لم يكن أكملها يقول الله سبحانه لملائكته انظروا هل تجدون لعبدي من تطوع؟ فأكملوا بها ما ضيع من فريضته ثم تؤخذ الأعمال على حسب ذلك " فلم يعقب كمال وأصر على اعتقاده فحدث بينهم لجج ترك على إثره خال وفاء بيت كمال وطالبه بتطليقها وقال له من لم يراع حق الله عز وجل لن يكون مؤتمن على أبنة أختي، وعادت وفاء إلى بيت خالها حتى يعود كمال الى الطريق القويم .
0 أضف تعليق :
إرسال تعليق
نرحب بآرائكم وتعليقاتكم