19‏/08‏/2011

لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا

تكالبت الصفعات على وجه نجيب ذلك الرجل الذى بلغ سن المعاش ولأنه متعود على العمل وقضى حياته كلها في مصلحة السجون وكان يشار إليه بالبنان وكل من سُجن يعرف من هو نجيب فقد كان الملك المتوج والفهد الذى يخشى الجميع سماع زئيره وكان إذا ذكر اسمه تساقط الرجال كالذباب وإذا تجول في ممر من ممرات السجن فقد يغشى على الكثير من المساجين ويفارقهم النوم وترتجف أفئدتهم ولا تقوى أرجلهم على حملهم.

فهل عزيزي القارئ بهذه المقدمة أكون قد أخبرتك بنبذة عن هذا الجبار فليس في كتب ومعاجم اللغة تعريف يجسد لك مجازر ولا عنفوان ولا طغيان ولا ابتكارات هذا النجيب في التعذيب، فيكفى أن أقول أنه أول من أدخل نزع الأظافر في قاموس التعذيب وأول من سنَ التعذيب عن طريق سلخ الجلد والغريب إن هذا النجيب لم يكن من أصحاب الرتب الكبيرة بل كان مساعد شرطة وخدم في السجون أكثر من 32 عام ثم خرج بعد أن أتم سن التقاعد ومنذ تقاعده وانهمرت عليه المصائب والصفعات وهو يقاوم هذه الصفعات ، وكلما أفلت من مكيدة توقعه الظروف في مكيدة أخرى
وهنا قص نجيب ما يحدث له على رجل دين كبير كان ممن سُجن ونجيب في الخدمة فقال له الشيخ ربما ما يحدث لك دعوة مظلوم عليك في جوف الليل ونصحه بالتوبة الى الله عز وجل وإعادة الحقوق الى أصحابها واسترضاء أصحاب الحقوق عليه في الدنيا قبل أن يكون الحساب في الأخرة حيث لا درهم ولا دينار، وهنا قال نجيب للشيخ إن ما فعله أثناء خدمته من تعذيب وقتل كان تنفيذا للأوامر التي تصدر إليه من كبار الرتب وكان لا يقدر على عدم إطاعة الأوامر فأخبره الشيخ أن من أصدر اليك الأوامر لن يغنى عنك من الله عز وجل شئ ،( إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ ) صدق الله.

وهنا أخبر نجيب الشيخ بأنه لا يستطيع النوم فكلما وضع رأسه على الوسادة لينام طارده الكثير ممن ظلمهم وطاردته الأفاعي والحيات والعقارب ووجد نفسه يهوى من فوق جبل عالي جدا إلى قاع بركان فتقذفه الحمم إلى الأفاعي والعقارب مرَة آخري فيقوم وهو يرتجف ولا يستطيع أن يغمض عينه ،وهنا أخبره الشيخ أن يسارع بالتوبة ولا يسوف فيها وليتذكر من بين من نكَل بهم من يراه كثيرا في نومه ،فأخبره نجيب هناك فعلا شيخ كبير يظهر لي كثيرا في نومى وأنا أراه وهو يدخل معي قبري ويشعله علىَ نارا ،فقال له الشيخ الحكيم ما هي قصته معك ؟
فقال نجيب باختصار ذات يوم قدم إلى السجن شاب وسيم يتمتع بجمال وقوَر ويتمتع بلسان عذب ويعتز بنفسه ويرفض تنفيذ الأوامر ومن أول يوم جاء فيه يريد أن يقوى عزيمة المساجين ويقلبهم على حرس السجن ويخبرهم أن الرب واحد والعمر واحد فلم نرضى بالمذلة ،وهنا طالبته إدارة السجن بكسر كبريائه وإذلاله فما كان من نجيب سوى أن جرده من ملابسه وسحله في أركان السجن وهو عاري في يوم ممطر وشديد البرودة فما طلع عليه الصباح إلا وقد فاضت روحه إلى بارئها ،فتم استدعاء والده وكانت المفاجأة إنه رجل ضرير وهذا الشاب هو ابنه الوحيد وهو من يقوم على خدمته ،ورفض الوالد استلام جثة ابنه بعدما علم بما فيها من تعذيب ولكن تم الضغط عليه بعد أن هددته إدارة السجن بأن جثمان ابنه سوف يكون طعام للكلاب ،وهنا تم دفن الولد ليلا ولم يحضر الدفن سوى والد الشاب وضابط من السجن.

ويتذكر نجيب دعاء والد الشاب عليهم وهو يبكى ويقول (حسبي الله ونعم الوكيل ) ،وهنا انطلق نجيب إلى بيت والد هذا الشاب وطرق الباب وأخبره بمن هو ففتح له شيخ ضرير وأدخله وأكرمه ثم طالبه بالرحيل وأخبره أنه كل يوم يدعوا الله عز وجل أن يكون هو من يشعل عليه قبره نارا وعبثا حاول نجيب أن يسترضيه وعندما يأس عاد نجيب الى بيته وأطلق على رأسه الرصاص، وهكذا كانت نهاية الطاغية .   

(( وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ )) صدق الله

0 أضف تعليق :

إرسال تعليق

نرحب بآرائكم وتعليقاتكم

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...
Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Best WordPress Themes