كان تبارك شاب له بنيان قوى وكان معروف في قريته بدماثة الخلق وكان بعيد كل البعد عن القيل والقال وكان عندما يخرج من داره يضبط الجميع عقارب ساعاتهم على خروجه فهو يحترم الوقت ويلتزم بمواعيده بالدقيقة مع من واعد وعرف عنه ذلك في قريته، وكان له صديق يعتبره توأم روحه يدعى ثابت وكان ينافسه في الدراسة وكانت حياتهم بين المدرسة الثانوية والبيت ونجح تبارك في الثانوية العامة ونجح صديقه ثابت وتقدم الصديقان لأحد الكلية العسكرية تبارك بمجموع 72 % وثابت 69 % ولم يبحث الصديقان عن واسطة تجعلهم يتجنبون كشف الهيئة بل تخطى كلا منهم الاختبارات وتم اختيارهم كطلاب في الكلية.
ومضت الأعوام وتخرج الصديقان وتم تعيين تبارك كمعيد بأحد الكليات، بينما تم انتداب ثابت على الجبهة المصرية الإسرائيلية وكان ذلك قبل نكسة 1967، وكانت هذه أول مرة ينفصل فيها الصديقان، فقرر تبارك أن يقوى علاقته بصديقه ثابت فذهب الى منزل صديقه وأخبره أنه يريد الزواج من أخته شروان وبعد عدَة محاولات وافقت أسرة ثابت وتم الزواج سنة 1969 وفى هذه الأثناء تم ترقية تبارك ليكون نائب عمدة قريته، ومنذ ذلك التاريخ ترك تبارك اللباس العسكري وأصبح شبه مدنى، وسرعان ما ذاع صيته وكان يوصف بغاندي العرب، وكان يُعرف عنه الجدية والالتزام بالأوامر وتنفذها على أكمل وجه مما جعله يصل إلى أعلى المناصب في عام 1980 حيث تم انتخابه عمدة قريته الكثيفة السكان والتي تحتل موقع متميز وتتميز بتنوع ثرواتها، وتوقع الكثير ممن يعرفونه أن يكون له بصمة يذكرها العالم أجمع، بل صدق فيه القول بأنه غاندي العرب من كثرة حرصه على عدم السعي وراء الثراء والمادة.
ولكن سرعان ما تغيرت سيرته بعد عشر أعوام من الاستقامة، فقد قام بتغيير بطانة الخير التي كانت معه ببطانة سوء زيَنت له السرقة وأقنعته بقبول الرشاوى على هيئة هدايا وأصبح يطلق عليه بين وزراءه جالوت العرب.
وشعر جالوت أن ما يهدد منصبه هم الإسلاميون، فقام بالتنكيل بهم وزج بهم في المعتقلات والسجون، ولم يحترم أحكام القضاء ولم يحترم لعالم مكانته العلمية أو الدينية وضاقت السجون والمعتقلات بالشيوخ وأساتذة الجامعات والمهندسين والأطباء وأصحاب الرأي السديد وكل إنسان يعارضه بكلمة حق، وعندما شعر جالوت أن الجميع في قبضة يده أطلق العنان لزوجته وأولاده ليبطشوا بالقرية ويعيثوا فيها فسادا.
وهنا انبرى بعض الحكماء وطالبوا جالوت بعدم البغي في الأرض أكثر من ذلك فإن المؤشرات تدل على نفاذ صبر القرية، ولكن حاشية جالوت طمأنوه أنهم قادرون على حمايته في حالة ثوران القرية عليه،
وفى صباح يوم (الزينة) يوم الاحتفال بتخريج الزبانية خرج بعض الفئات من القرية للتعبير عن سخطهم على سوء أوضاعهم المعيشية، فتعرض لهم زبانية العمدة بصيدهم بالبنادق والمسدسات مما نتج عنه الكثير من القتلى والجرحى، وعندما علم أهل القرية بما حدث لذويهم خرجت القرية عن بكرة أبيها وأشعلوا النار في دوار العمدة وطاردوا زبانية وحاشية العمدة في كل مكان وأطعموهم لسمك القرش، وتم القبض على العمدة وتم سجنه لمحاكمته ولكنه مات في محبسه، فعادت للقرية وحدتها وتضامنها وسعى حكماء القرية لبناء القرية وترتيب أولويات النهضة التي يريدونها واختيار الرجال الشرفاء الصالحين للنهوض بالقرية وعودتها لمكانتها الدولية .
0 أضف تعليق :
إرسال تعليق
نرحب بآرائكم وتعليقاتكم