26‏/01‏/2011

ما مصير هدهد إذا قال لملك أحطتُ بما لم تحط به؟

شاع بين الكثير من الشعوب الرعب والخوف من مواجهة الحكام وعندما تسأل عن السبب في عدم المطالبة بالحقوق المشروعة والإصرار على الصمت رغم الفقر والبطالة والكبت والظلم والفساد وخروج الحكام في بعض الأحيان عن شرع الله ورغم ذلك لم تحرك الشعوب ساكنا أو تغضب لمن يحارب شريعة الله

ولا يطبق منهج الله ، يقال لك البعد عن مواجهة الحكام غنيمة فنحن لا نريد من الدنيا إلا الحياة في الظل وتربية أبناءنا ،وهنا نضرب المثل للبشر الخائفين بطائر بسيط هزيل جسديا عملاق فكريا واجه نبي وملك وهو نبي الله سليمان عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام حين تفقد الطير (( وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ   )) صدق الله
فعندما جاء الهدهد إلى مقر الحكم هل كذب أم هرب وطلب حق اللجوء السياسي ؟ هل أشعل النار في نفسه وانتحر ؟ هل طلب تدخل بعض الدول العظمى ؟ هل تعاون مع الطيور والحيوانات لمهاجمة المدن الآمنة ؟ هل أضرب عن الطعام وأبلغ منظمات حقوق الحيوان ؟ لم يفعل الهدهد أيا من هذه المهاترات بل واجه نبي الله سليمان وهو من هو من قوة وقدرة وعلم  فمكث غير بعيد عن نبي الله سليمان ، فقال للملك سليمان ((فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22))) صدق الله ،
فما كان ردَ فعل الملك هل أمر بتعذيبه ؟ هل أمر بحبسه في سجن منفردا ؟ هل أمر بإعدامه رميا بالنبال ؟ هل تم اتهامه بالتآمر لقلب نظام الحكم ؟ هل تم القبض على أسرته وضربهم حتى يقوم بتسليم نفسه ؟ لم يحدث شئ من ذلك بل أنصت نبي الله إليه كي يتم كلامه ، فأكمل الهدهد حديثه فقال (( إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ )) صدق الله
وأكمل الهدهد متعجبا (( وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ * وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ )) صدق الله
 ثم تابع الهدهد كلامه فقال (( أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25))) صدق الله


الهدهد يعلم أن للكون إله هو الله فكيف يعبد بشر شئ من دون الله وضرب المثل بأن الله يرزق الطير بالخبِأ الذي هو طعامه ، فما كان من الملك سوى أن يتأكد من صدق كلامه فقال نبي الله سليمان (( قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27))) صدق الله ثم قدَم الملك الأهم على المهم فقال (( اذْهَبْ بِكِتَابِي هَٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28))) صدق الله
وهذا يدل على فطنة الملك سليمان عليه السلام فهو أمام قضية أهم من غياب الهدهد وهى عبادة قوم للشمس من دون الله ،
وهنا تابع نبي الله سليمان القضية حتى تمكن من إقناع ملكتهم بالدخول في دينه فأسلمت ملكة سبأ وتبعها شعبها (( قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )) صدق الله
مما سلف نستنتج ونتعلم من الهدهد عدَة دروس:
أولا عدم الخوف من الحاكم طالما أنت على حق ،
ثانيا الثبات عند مواجهة الحاكم وإعداد الإجابة لكل سؤال ،
ثالثا عدم السكوت والصمت حين يكون المساس بحق من حقوق الله
رابعا الصدق هو حبل النجاة من كل ضيق
خامسا لان يهدى بك الله إنسان خيرا مما طلعت عليه الشمس ولنا في الكثير من المخلوقات الضعيفة في نظرنا الكثير من الحكم والمواقف التي نتعلم منها ،فهناك النحل والنمل وغير ذلك من عجائب الله في الكون ما لايعدَ ولا يحصى ،       

0 أضف تعليق :

إرسال تعليق

نرحب بآرائكم وتعليقاتكم

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...
Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Best WordPress Themes