13‏/08‏/2010

صمت الحملان



يحكى أنه: في عهد أحد الملوك الطغاة ،كان هناك سيف للدولة يكُنى بـالوزير العاشق وكان للوزير عيون في كافة أرجاء الدولة وكان إنتماء الولاه له قبل الوالي وكان الناس يخشون بطشه وجبروته وكان الوزير يتسم بالحكمة والدهاء والمكر وحدث بلا حرج عن قسوة قلبه وغلظته وكان يعمل بالحكمة القائلة (فرّق تسُد) ،والحكمه القائلة (إذا شبعت الشعُوب  فويل للحُكام) ،


لذا عمل زبانية الوزير العاشق على أُسس ثلاثة:


1.  أنت وما ملكت للوطن والوطن ملك لنا


2.  الكل لنا أعداء في الداخل والخارج حتى يثبت العكس


3.  إنطلق حيث شئت طالما في محيط الدائرة التي نرسمها لك،


ومن  هذا المنطلق بدأ تأسيس أركان وأوتاد إمبراطورية ألــ الوزير العاشق وحاشيته




وتسائل أهل المملكة وزائريها عن سبب ارتباط العشق باسمه وتتبع الناس سيرته الذاتية فعلموا أن عشقه لسفك الدماء ،وأن هوايته بعد ذلك نظم الجماجم كالمسبحة




وعلم الرعية أن الوزير رغم جبروته ما هو إلا ذراع للملك يفكر ويخطط وينفذ ما يدور بخلد الملك وأينما يوجه يجده ليكون الملك في منأى عن عيون الرعية يكتنفه الغموض وتتضارب الأقوال حول سلوكه فأعدائه يلقبونه بالخائن المتعطش للرذيلة وأعوانه ينعتونه بكل الصفات الحميدة وأنه التقوى تمشى على  قدمين وأنه نصير المظلومين وحامى حمى الفضيلة والعدل.




وذات يوم والملك في جولة للصيد على تخوم مملكته رأى على مرمى البصر جزيرة فاوفد إلى وزيره ليستعلم منه عن أهلها وعن الخير والنعيم الذي تبدوا أثاره على أهل الجزيرة.




فجائه الوزيرفى موكبه بعد أن استعلم عن الجزيرة وأخبر الملك بأنها كانت لأجداده وانتزعت منهم ،وهنا اخذ الوزيرعلى عاتقه أن يعيد للملك الجزيرة دون إعتبار لكذب روايته أو لصدق أهل الجزيرة.




وهنا انتشى الوزير فهاهي أحلامه في التدمير وسفك الدماء وزهق الأرواح تلوح أمامه كحلم جميل وفتح الملك خزائنه للوزيرعلى مصراعيها ليعد الوزير السلاح والعتاد وجنود المملكة وجحافل من المرتزقة المطاردين من العدالة من خارج المملكة ، فالوزير يعلم علم اليقين أن قدما لأجداد الملك لم تطأ الجزيرة، وبحنكته أعد المطاريد ليكونوا نواة للأسباط من رهطه.




وفى غفلة من أهل الجزيرة المسالمين إنقض عليهم جحافل من الوحوش في صور بشرية وقاموا بقتل ثلث سكان الجزيرة وحرقوا ديارهم ونهبوا أقواتهم ويتموا أولادهم وهتكوا أعراضهم وإستباحوا حرماتهم وأصبح أهل الجزيرة الذين لا حول لهم ولا قوة ،يستغيثون ويصرخون ويستجيرون وهيهات هيهات "أسمعت إن ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادى"


ومع شروق فجر جديد كانت معالم الجزيرة أطلال تنعى ساكنيها ،وبين ليلة وضحاها أصبح ملاك الجزيرة خدمها وقراصنة البحر المطاردين من العدالة رجال دولة




وعم الصمت أرجاء الجزر المتاخمة للمملكة ،وأه من مذلة بعد عز وأه من وطأة الظلم مع قسوة الغربة في الوطن ينئ عن حملها الجبال ،وقديما قالوا "يولد المجاهدين من رحم الظلم وتولد الحرية من دماء الشهداء"




من هذا التاريخ الذي وصلت فيه السفينة المشؤومة للوزير العاشق إلى الجزيرة بدأ عهد جديد، قدمت كل أسرة في الجزيرة أغلى ما تملك من أبنائها ليكونوا فدائيين يقلقوا مضاجع أعدائهم من مرتزقة الملك ووزيره،وتحولت الجزيرة إلى بركان من الغضب هذا يقتل وهذا يردعه وذاك يدمر وذاك يصرعه وبين الكرّ والفرّ بين مقاتلي الوزير بعددهم وعتادهم ورجال المقاومة بإيمانهم بالله ويقينهم بعدالة قضيتهم.


وقالوا قديما "ما ضاع حق ورائه مناضل " ومع شدة المقاومة وازدياد الخسائر في مرتزقة الملك ،


دعا الملك وزيره ومستشاريه ليكونوا له ناصحين وإنبثقت أذهان جهابذة الملك عن أمرين





الأول:أن يطهروا الجزيرة من سكانها بالقتل المنظم والتنكيل بكل شي فيه روح واجتزاز الشجر وحرق مقومات الحياة على الجزيرة ودفع من بقى من السكان للفرار بأرواحهم ،




الثاني:أن يعقد الملك معاهدة صلح مع دول الجوار حتى يتفرغ للقضاء على سكان الجزيرة


دون أن يحتج أحد من الدول المتاخمة أو يساعد المجاهدين بالمال والعتاد أو بالشجب والتنديد




وبعد دراسة متأنية رجح الملك المعاهدة ،فلديه سجل حافل من المعاهدات التي لا يلتزم بها ولا تساوى عنده ثمن مدادها !!؟ودعا الملك ووزيره العاشق لحفلة يُدعى لها كبار ملوك وسلاطين


العالم ممن لهم نفوذ بسطوتهم وقوتهم وأعلن أمامهم انه رجل سلام وأنه يدعوا الدول المتاخمة


للمملكة إلى نبذ العنف والإرهاب ،وليقبلوا بالسلام بل ويناشد الشعوب المحبة للسلام أن تدعمه


بالمال وتُساند جهوده لينال شعب الجزيرة الحرية والديمقراطية على يديه ولتحيا جميع شعوب المنطقة في أمن وإستقرار وسلام ؛




وهنا هب الحضور ليصفقوا حتى أدموا أيديهم وقاموا الواحد تلو الأخر بعناقه وتهنئته على خطبته البليغة وعلى حصافة فكره ، وتملق كل الحضور الملك ووزيرة،بل دعوا الإرهابيين من أهل الجزيرة إلى نبذ العنف والخضوع للأمر الواقع وقبول السلام على طريقة:"إذا كنت عطشان فتجرع السم واشكر ساقيك "




بل دعوا سكان الجزيرة إلى تسليم مقاتليهم من الإرهابيين إلي راعيا عملية السلام حتى لا يعكروا صفو العلاقات بين (الجزار)الداعي للسلام (ويديه تقطر بالدماء) وأهل الجزيرة؛


وطلب أهل الجزيرة مهلة حتى يتخيروا بين الموت صلبا أو الموت حرقا وقد منحهم الجلاد حرية الاختيارواجتمع ولاة الدول المتاخمة للمملكة وقرروا قبول المعاهدة بكل اجحافاتها فليس هناك بديل وعلى أهليهم بالجزيرةالقبول بها وأن يوقفوا المقاومة في مقابل أن يتعهد الملك ووزيره العاشق على حماية أهل الجزيرة والذود عنهم وهنا أصبح لسان حال أهل الجزيرة يقول:"إن آمنت الذئب على غنمك فأحب للغنم أن تحصد حياتك "




وحدث إنشقاق بين أهل الجزيرة بين مؤيد ومعارض ولكل منهم أسبابه وكادت تحدث فتنة بينهم لولا تدخل الحكماء ونزل المناضلين على رأى الأغلبية وكما هو متوقع أطلق الملك العنان لوزيره ليبطش ويُنكل بأهل الجزيرة تحت مرأى ومسمع من العالم المتحضر ويتنكر لكل العهود التي قطعها على مملكته وزاد تعطشه للدماء




بل خرج الملك من قصره الأبيض في حالة هياج شديد لأنه ترامى إلى مسامعه ازدياد شعبية وزيره بين شعوب الأرض بسبب ما يحكى عن مجازره وتعطشه للدماء وأقسم الملك ليروع ويزلزل كل كائنات الأرض وبالأخص الشعوب المتاخمة للمملكه وأنزل الملك أساطيله وجحافل جيوشه على شواطئ أكبر الدويلات التي تهدد وزيره وتقلق مضجعه وهنا فاض الكيل برؤساء جزر الجوار وقالوا للملك ووزيره ألم نتعاهد على السلام وتنازلنا عن الجزيرة بمن بقى من سكانها أحياء للوزيرفي مقابل ان ننعم بالسلام ويشهد على ذالك راعيا السلام وهنا انتفض الملك وقال لن يكون هناك سلام بيننا طالما وجد أحياء في هذه الجزر! فلنطهر الجزر من البشر وبالتبعية سوف يعم السلام وهنا فاض الكيل بحكام الجزر المتاخمة للمملكه أقسموا بأغلظ الأيمان لن ينبلج فجرهذا اليوم إلا وهم يشجبون وينددون ويدينون بكل ما أتاهم الله من قوة هذه المجازر في حق إخوانهم وهنا اخبرهم أحد حكماء الجزيرة وكان معارض للسلام لعلمه انهم لاعهود لهم بان يتذكروا قصة:" الثور الأبيض والثور الأحمر والثور الأسود" وقال في  نفسه أكلنا يوم أكل الثور ألابيض وذكرهم بأن من لايملك طعامه لا يملك حريته وأنه قيل قديما ويلٌ لشعب يمسك من أمعائه وأنه من لا يملك سلاحه لا يملك حريته




وتفاعلت الأمم المتحدة لمناشدات و شجب و تنديد أهل الجزر المتاخمة للمملكة و قررت منح الملك ووزيره العاشق جائزة نوبل للسلام


و للحديث بقية

0 أضف تعليق :

إرسال تعليق

نرحب بآرائكم وتعليقاتكم

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...
Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Best WordPress Themes