عين عمر بن عبد العزيز والى على خراسان فبعث هذا الوالي لأمير المؤمنين عمر بن العزيز رسالة فحواها يقول " يا أمير المؤمنين أستأذنك في استخدام القوة مع أهل خراسان فأنه لا يصلح لهم إلا السيف والسوط " هكذا نرى أن الطغاة موجودين في كل زمان ومكان فهناك من يقول الآن أن شعب مصر لا يصلح معه إلا القوة والسوط وأنا أنصح بالعدل والحكمة والحق ؛ فماذا كان ردَ أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز قال له " كذبت قبح الله رأيك ، بل يصلح معهم العدل والحق فأبسط ذلك فيهم وأعلم أن الله لا يصلح عمل المفسدين " إذا الشدة لا تنفع في موقف اللين واللين لا يصلح في موقف الشدة فيجب أن تكون الشدة في موقف الشدة وإلا لتحولت مصر إلى فوضى لا يمكن لقوة بعد ذلك أن تسيطر عليها ؛
فلنتدبر قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه جلس يوما يفكر في أحوال الأمة وفى أمر الولاية وكان يجلس بجواره أبن عباس وكان عمر يحب أبن عباس جدا ويقربه منه بل وقد أذن له وهو ابن 17 من عمره أن يدخل مجلس الشورى مع الفحول الكبار من أصحاب رسول الله (ص) فقال له أبن عباس ماذا يا أمير المؤمنين؟ فقال عمر: لا أجد من يصلح لهذا الأمر يا أبن عباس لا أجد من يصلح للحكم و للولاية ، عمر يقول هذا في عهد الصحابة ومعه الفحول الكبار . فقال ابن عباس أين أنت من فلان وفلان وفلان وظل يعدد له الصحابة الكبار فقال له عمر : يا ابن عباس لا يصلح لهذا الأمر إلا اللين في قوة والقوة في غير شدة والجود في غير بخل والجود في غير إسراف والممسك في غير بخل ، ولا يطيق هذا الأمر إلا رجل لا يصانع ولا يضارع ولا يتبع المطامع. شدة في غير ضعف في موضع الشدة والقوة ، وجود وكرم للفقراء لمن لا يجدوا رغيف الخبز والملبس الذى يستر جسدهم والوقود الذى يطهون عليه طعامهم فلا يصلح لذلك ممسك بخيل يريد أن يعيش هو وحاشيته فقط وليذهب الشعب للجحيم،
ثم قال ابن الخطاب يوما لأصحابه : أرأيتم إن وليت عليكم خير من أعلم بالله تدبرا" أرأيتم إن وليت عليكم خير من أعلم ثم أمرته بالعدل فيكم أأكون قد أديت ما على؟ قالوا نعم يا أمير المؤمنين . فقال لا، حتى أنظر في عمله فإن أدى ما عليه فالحمد لله وهذه كفاءته وإن أخطأ ولم يؤد ما عليه فتلك مسئوليتي فأنا الذى وليته عليكم .
فأين نحن من هذه العقول المنيرة الحكيمة التي تخشى الله عز وجل؛ ولنتدبر قول أمير المؤمنين في أول يوم يتولى فيه الخلافة حيث قال " أيها الناس بلغني أن الناس هابوا شدتي وخافوا غلظتي وقالوا لقد أشتد علينا عمر بن الخطاب ورسول الله (ص) بين أظهرنا وأشتد علينا عمر بن الخطاب وأبو بكر والينا دونه فكيف وقد صارت الأمور إليه ألا فأعلموا أن شدتي هذه قد أضعفت تضاعفت لكنها إنما تكون على أهل البغي والظلم والتعدي، والله لست أدع أحدا يظلم أحدا أو يعتدى عليه حتى أضع خده على الأرض وأضع قدمي على خده الأخر حتى يذعن للحق؛ وأنا بعد شدتي هذه أضع خدى أنا على الأرض لأهل العفاف؛
هذه هي حكمة الحاكم في الشدة واللين وهذه هي السياسة في إدارة دفة الحكم؛ وهنا يظهر على السطح سؤال؟ ماذا نفعل مع الظالمين ، فقد قال رسول الله (ص) أنصر أخاك ظالما أو مظلوما قالوا: يا رسول الله (ص) عرفنا كيف ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما؟ قال: أن تكفه عن الظلم فذلك نصره.
فلا بد أن نكف الظلمة والمعتدين والجاهلين والمأجورين والعملاء عن تخريب المنشآت والمؤسسات والبنايات الحكومية والممتلكات الخاصة وأفراد الأمن وجنود القوات المسلحة؛ وإن كان لا بد من التظاهر أو الاعتصام فيجب أن يكون وفق القانون ويعاقب من يخرج عن القانون ولا يجب أن تعطل المظاهرات والاعتصامات الميادين وتعطل مصالح الناس وتوقف عجلة الإنتاج ويجب أن يحميها رجال الأمن ولا يعتدوا عليها ومن يخطئ يطبق عليه القانون بحذافيره؛ لعلنا بهذه الكلمات لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب ولأمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز التي توزن بميزان الذهب نكون قدمنا للمجلس العسكري وللمجلس الاستشاري المؤقت وللَيبراليين والعلمانيين وللاشتراكيين وللفاسدين من رجال الإعلام درس بسيط في عدَة كلمات لعلها تذكرهم بالزمن الجميل.
((وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ)) صدق الله.
مقتبسة من مقال للعالم الجليل "محمد حسان"
0 أضف تعليق :
إرسال تعليق
نرحب بآرائكم وتعليقاتكم