22‏/02‏/2012

دعني ووحدتي لا تحطم معبدي


كانت ندا تعيش في عزلة بعد وفاة زوجها الذي أستشهد في حرب تحرير الكويت الأولي عام 1991 حيث كان يعمل مهندس بأحد حقول البترول بالعراق ولقي مصرعه أبان التمهيد للهجوم لتحرير الكويت وكانت زوجته حامل في ابنتها نسمة التي جاءت للحياة ولم تبصر والدها فكانت أمها وجدّتها هي كل ما لها في الحياة ،

وكانت أمها قدّ قررت أن  لا تتزوج بعد زوجها ونذرت نفسها لتربية ابنتها ندا وكان معاش الوالد بالإضافة إلي معاش والدتها لا يكفيهم للعيش في المستوي المتوسط الذي كان الوالد ييسره لهم مما دفع ندا إلي النزول للعمل بمؤهلها الدراسي كخريجة لغات ألسن بالعمل في أحدي شركات السياحة وبذلك تمكنت من إلحاق نسمة بالتعليم الخاص المتميز وأصبح لها باص يذهب بها ويعود من المدرسة كما تعودت نسمة علي مستوي راقي من التعليم ورافقها في تعليمها أرقي الأصدقاء في المستوي المادي وهى أثناء كتابة هذه السطور بالسنة الثانية بالجامعة كلية الصيدلة وكانت حياتها تسير بسلاسة ويسود الودّ بينها وبين جميع من تعرف عليها في منطقة سكنها أو كليّتها؛

وكانت والدتها وجدتها تحفاها بالدفيء العائلي وميسور لها المال لتنفق في مستوي زميلاتها وزملائها ولم تشعر يوما أنها أقلّ منهم في شيء وكانت تداوم علي الصلاة في وقتها وتحفظ ثلثي القرآن وكانت تقتطع من مصروفها لتساعد بعض جمعيات الأيتام؛

وظل الحال علي ما هو عليه حتي قيام انتفاضة الشعب المصري في عام 25 / 1/2011  حيث ذهبت نسمة مع بعض زميلاتها وزملائها لتساعد في تضميد جراح المصابين في هذه الأحداث وكانت نسمة تساعد بالمال والجهد في هذه الانتفاضة وكانت تستمرّ في الميدان من الثامنة صباحا إلي السادسة مساء وكانت تصلي بزميلاتها داخل خيمة الأطباء ولا تترك فرض دون أن تجمع المتواجدين للصلاة جماعة؛

حتي جاء يوم 25 يناير 2012 حيث تواصل الجميع عبر شبكة الإنترنت للاحتفال بهذا اليوم وبنجاح الانتفاضة وقرر الشباب والفتيات النزول في هذا اليوم إلي الميدان للاحتفال ولرعاية المصابين لو حدث تراشق بين الأمن وشباب التحرير ولم تدرك نسمة أنها خرجت لتفقد عينها حيث أصيبت في ظهيرة هذا اليوم بطلق من قذائف البلي استقر في مقلة عينها اليسرى مما جعل زميلاتها ينقلونها إلي القصر العيني الفرنساوي ليقوم الأطباء باستخراج الجسم الصلب من قاع العين وتفقد العين الإبصار

وعندما علمت الجدة أصيبت بهبوط حاد في الدورة الدموية فقدت علي إثره الحياة ويعمّ الحزن البيت الذي كانت تتعالي فيه الضحكات وتصاب الأم ندا بارتفاع في نسبة السكر رغم أنها ليست مريضة سكر وعبثا حاولت نسمة أن تقنع والدتها أن ما حدث لهم قليل جدا في سبيل أن تنجح الانتفاضة ويعمّ الخير والسلام ربوع الوطن ؛ وفور وصول نسمة إلي بيتها في صباح 28 يناير 2012 قامت الأم ندا بأخذ أبنتها نسمة وسافرت إلي المدينة المنورة لتكون بجوار مسجد رسول الله صلي الله عليه وسلم حتي لا تطاردها الأحداث ولكي تبعد ابنتها نسمة عن الفوضى التي تعمّ مصر الأن ويكفيها وأبنتها ما نالهم من مآسي حتي ييسر الله عز وجل لمصر من يخرجها من هذه الفوضى الغير خلاقة أو  يدركها الموت. نستخلص مما سبق أن انتفاضات الشعوب لها دائما ضحايا وهؤلاء الضحايا أجرهم عند ربهم حسبّ نيّاتهم فمنهم الشهيد ومنهم الجريح جرح غائر المأجور من الله حسبّ الألم الذي عاناه ومنهم المصاب بفقد جارحة من جوارحه وغير ذلك فليصبر ضحايا الانتفاضات ولا يتحاملوا علي المجتمع بأن يحملوه نتيجة إصابتهم بل عليهم أن يحتسبوا جراحهم عند الله وجهادا في سبيل الله.   

0 أضف تعليق :

إرسال تعليق

نرحب بآرائكم وتعليقاتكم

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...
Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Best WordPress Themes