سوف أسرد هذه القصة علي الرغم من
كثرة تكرارها ولكن بأسماء مختلفة وفي مستويات متفاوتة في الوضع الاجتماعي؛ وقصتنا
اليوم هي قصة أسرة تعيش في رغدّ العيش وربّ الأسرة من علية القوم ومن وجهاء
الدبلوماسية يعيش الوالد والوالدة وأبنتيهما نرمين ونفين الاتي يوصفن بالجمال
الخجول ولا يشتركن في الصفات الوراثية بل تنفرد نرمين التي تبلغ من العمر 23 عام
وهي خريجة كلية ألسن وتعيش حياة هادئة بين دراستها للدكتوراه وعبادتها وشغفها
لحضور محاضرات دينية وذهابها يوم الخميس مع عائلتها للنادي والمكوث فيه بعض الوقت
في صحبة بعض صديقاتها من رواد النادي من كبار السن والقليل من الفتيات التي أعتدن
علي الاستماع لدروسها الدينية في الوقت القليل الذي تتواجد فيه في النادي حيث تحظى
نرمين بحب جميع من يعرفها ويكنّ لها الجميع الاحترام نظرا لحبها لفعل الخير ودعمها
الكامل للكثير من جمعيات الخير بل ربما تتعرض نرمين من والديها للكثير من التأنيب
واللوم لأنها تصرف كل دخلها ومصروفها علي فعل الخير وهي تجد في ذلك كل متع الحياة
وعلي العكس من نرمين تأتي أختها نفين
تلك الفتاة الحالمة الذكية الجميلة التي تبلغ من العمر 21 عام وفي السنة النهائية
بكلية التجارة الخارجية وقضت معظم دراستها منذ طفولتها في مدارس للراهبات وكانت
كثيرة الخلاف مع أختها نرمين بسبب عدم تعظيمها لفريضة الصلاة وتهاونها في تعاليم
الإسلام إضافة إلي لباسها الذي يشجع الكثير من الشباب في النادي وأماكن تواجدها علي
الطمع فيها مما يعرضها للكثير من المواقف المحرجة ورغم ذلك كانت نفين تصرّ علي
مصاحبة الشباب "الروش" كما تطلق عليهم وتسارع كثيرا في استضافتهم في
سرايتها لقضاء بعض أوقات المرح واللهو بعيدا عن زميلاتها الاتي يتنافسن معها علي
صيد الشباب الراقص ولاعبي البالية ولاعبي البلياردو تلك الألعاب التي كانت من أكثر
روادها مما جعلها حديث مشترك علي جميع موائد الطبقة العليا الراقية مما جعل
والديها يحاولان بكل جهدهم دفعها للزواج حتي تستقر وتجنبهم الحرج والهمز واللمز ولكن
عبثا حاولا معها فهي عنيدة وتعتبر أن أي تدخل من والديها في حياتها تصرف غير لائق وتقول
دائما إنها ليبرالية وهذا اختيارها وعلي الجميع أن يقبل باختياراتها فهي ليست
بالقاصر بل هي رشيدة وقادرة علي إدارة أمور حياتها
كانت دائما تصبّ جام غضبها علي أختها
نرمين لأنها تعيش حياة الرهبنة والدروشة مما يجعل والديها يقارنون بين أفعالها
وأفعال نفين وهنا تبكي نومين وتقسم لها أنها تحبها وتخشي عليها من عواقب انفلاتها
الأخلاقي وتأمل أن تعود إلي ربها وتحكم الدين في أقوالها وأفعالها ولكن كالعادة
استهانت نفين بأقوال أختها ونهرتها وخرجت وهي تلبس أفضل لباسها لتسهر مع أصدقائها
وصديقاتها احتفالا برأس السنة الميلادية ورغم تحذير والديها لها بعدم السهر في
الخارج حتي الصباح ضربت نفين بهذه النصائح عرض الحائط
ولم يشعر بها الجميع سوي وهي تصرخ من
الصداع في الظهيرة وجسدها يرتعش ووجهها يبدو للناظر كأنها تحتضر وعلي الفور سارع
الوالدين بالإيصال بمستشفى كبير وقبل أن تصل سيارة الإسعاف أفاقت نفين من غفوتها
وهي تصرخ وتمسك بثوب آختها نرمين وهي ترتعش وفي حالة رعب وتقول لها إني أرى مقعدي
من النار وعبثا تحاول أختها أن تخفف من روعها وهي تبكي ثم تغيب نفين عن الوعي
لفترة قصيرة ثم تفيق من غفوتها وتردد نفس كلامها السابق فتقول لأختها ولوالديها
وهي تصرخ إنها تبصر النار أمامها وهكذا عاشت نفين الدقائق الأخيرة في حياتها ثم
أسلمت روحها لبارئها وسكن جسدها وجميع من حولها في ذهول مما انتهى إليه حالها
وهنا تحدث الطبيب بأن سبب الوفاة
ربما يكون جرعة زائدة من مخدرّ ما وهنا قامت نرمين للصلاة لتدعوا لأختها بالرحمة وتدعوا
الله عز وجل ليثبّت أفئدة والديها وسكنّ كل شيء بالسرايا وفقدّ كل شيء بريقه وعمّت
السكينة أرجاء المنطقة وأصبح حديث الأصدقاء كيف ماتت وهي في ريعان الشباب ولم يدرك
هؤلاء أن الموت لا يفرق بين كبير وصغير سقيم وسليم ؛ ولم يتذكروا قول الله عز وجل
" كل نفس ذائقة الموت " صدق الله.